5/20/2013

النمر الابيض


كانت رواية النمر الأبيض للكاتب الهندي ارافيند اديغا أمامي منذ زمن بعيد منذ أن قرأت ذات مرة مقال للكاتب الدكتور ساجد العبدلي يتحدث عنها ، ومنذ ذلك الوقت قررت أن اقرأها لكنني ولسبب لا اعلمه لم أقرأها إلا في الأسبوعين الماضيين فقط.

الرواية  فازت بجائزة البوكر البريطانية عام 2008 وكانت بمثابة مفاجأة للجميع لأن الكاتب وقتها كان بعمر 34 سنة (مواليد 1974) وهو سن صغير  جدا أمام العديد من الكتاب الكبار الذين كانوا مرشحين للجائزة وقتها وفي مقدمتهم مواطنه سلمان رشدي.

يتحدث الكاتب في عمله عن عالم الفقراء في الهند أو الذين يعيشون في الظلام كما اسماهم  من سكان القرى المتاخمة لنهر الغانغ المقدس الممتلئ برفات الأموات . من هذا العالم المهمش والمُستغل من قبل الطبقة الغنية، من خلف البقر والفقر والقذارة ياتي بطل الرواية "بالرام"، الشاب الفقير الذي يحمل في قلبه طموح كبير مدعّم بعقل لماح ومتوقد وكثير الأسئلة، وحين يبدأ عقل  إنسان ما بطرح الأسئلة لابد من أن يكون  صاحب هذا العقل مختلفاً عن بقية القطيع.

يصر بالرام بعد أن تم اخراجه من المدرسة رغم تفوقه للعمل في محل الشاي، على تعلم القيادة لأنه كان يريد أن يخرج من عالمه الضيق الكريه، وبالفعل يبرع الفتى الفقير في تعلم القيادة بصورة سريعة ثم يشرع في البحث عن عمل لدى الأسر الغنية من خلال طرق الأبواب والسؤال عن حاجتهم لسائق، وبعد تعب واحباطات كثيرة يوفق في الحصول على عمل لدى اسرة احد اكبر الاغنياء في اقليم بنغلور والذي يتاجر بالفحم بطريقة مخالفة للقانون كما كل شيء في الهند.

يكسب بالرام بسرعة ثقة أسياده بفضل اخلاصه ونباهته ثم يغادر إلى دلهي ليصبح سائق خاص لدى ابن سيده الصغير وزوجته العائدان حديثاً من أمريكا . وهناك يتعرف بالرام على عالم آخر، عالم تتفشى فيه الرشاوي و المفاسد بشتى انواعها  ويقسم فيه الناس إلى طبقتين. طبقة غنية تتمتع بكافة مباهج الحياة بصورة تثير الاشمئزاز. وطبقة الخدم التي ما وجدت إلا لتخدم الأسياد وتحقق لهم أسباب الراحة والسعادة على الرغم  من عيشهم تحت خط الفقر وسط أحياء تموج بالعشوائية والطرقات الوعرة المملوء بمخلفات البشر والحجر.

يتغير بالرام الملقب بالنمر الأبيض ( حيوان من فصيلة نادرة)  سريعاً ويبداً في التساؤل :" كيف استطيع أن أخرج من القفص"،  ثم تبدأ أفكاره تتجه إلى مناطق خطرة بعد أن يرى سيده الشاب  يوزع الرشاوي بالملايين على الوزراء والمسؤولين حتى يسهلوا  تجاره والده في الفحم ويجنبوه دفع الضرائب.

يقرر بالرام بعد صراع نفسي رهيب أن يخرج من قفص الفقر والذل، ويقنع نفسه بأنه لابد اذا اردت أن تكسر القيود وتخرج إلى النور، لابد أن تدفع الثمن حتى وإن كان هذا الثمن باهض جداً .

يقتل بالرام سيده الشاب "اشوك" الذي احبه كثيراً ورعاه بعد أن هجرته زوجته الأميركية ويسرق منه مبلغاً ضخماً كان ينوي السيد تسليمه لأحد المسؤولين، ويهاجر إلى منطقة بعيدة لايعرفه احدا فيها، ويبدأ هناك مشروع جديد في مجال سيارات الآجرة والألكترونيات حيث ينجح في عمله بشكل سريع ويسير على طريق الفساد من خلال دفع الرشاوي إلى مسؤولي الشرطة في المدينة.

خلاصة العمل برأيي تقول .. "لايمكن أن تظل نظيفاً عندما تعيش في حاوية القمامة"

الرواية مكتوبة بطريقة سهلة وسلسة، وهي في مجملها عبارة عن رسالة الكترونية يوجهها بالرام إلى رئيس وزراء الصين الذي ينوي زيارة الهند.

لكل من يبحث عن المتعة و اكتشاف عوالم الإنسان الداخلية، والشعور بمعاناة الآخرين ومعرفة بشاعة هذا العالم الغارق في الظلم والظلام، انصحكم بقراءة الرواية.





 

2 comments:

تراب الكويت said...

وماذا بعد

7osen said...


الكثير الكثير من كل شيء
...

تراب ... ؟