
قصة
****
لازلت أتذكر جيداً طفولتنا ،، طفولتي المتردده المعقدة وطفولتها الواضحة الجريئة
تفاصيل كثيرة تتزاحم في رأسي وتنهال الذكرى عليّ بكل مافيها ولكني أود تجاوزها والدخول في منتصف فترة المراهقة
عندما أتضح معنى الأحساس بها وعندما أدركت إني أحبها ،، كانت جميلة ،، جميلة بحق
ومرغوبة من الجميع ،، الكل يطلب ودها والكل يود التقرب منها ،،
كانت مغرورة أو الغرور هو من يترجاها لكي تتواضع له
كل شيء بها متعالي ومتباهي بما منحه الله له من كمال
لازلت أتذكر وجهها المشرق الملائكي المستدير وعينيها التي ينام السواد فيها بهدوء وسكينة
وجة قمري سبحان من صورة ،،
كانت لها وضعية معينة في الجلوس تجلس مستقيمة الظهر وتضع قدم فوق أخرى فتتساقط القلوب تحت أقدامها
هي شهية بها كل إغراء الأنثى وبريئة تحمل كل براءة الطفولة
لا أدري كيف أصفها ،، كل ما أستطيع أن اقوله إنها كانت حالة خاصة من الجمال
ومع هكذا جمال وهكذا أهتمام لا مناص من تسلل الغرور إليها غرور لائق عليها كأنه خلق من أجلها
وأنا
ماذا اقول عني
خجول متردد لا أعرف أن أحدد شعوري ولا أجرؤ حتى على الكلام بحضرتها
كنت بريء جداً أراها فتجتاحني مشاعر الرجل وأخجل من نفسي ،، وأحياناً أضحك من هذه الفكرة
لم أتوقع إني سأقترب منها كثيراً
ولكني أقتربت
كنت أرى في عينيها نظرات خاصة لي تحمل أحساس مختلف عن الجميع
لا بل أكثر
أصبحت هي من تطاردني ،، عندما نجتمع تجلس بالقرب مني ،، وعندما نلعب تلعب معي
وعندما نتحدث تتحدث معي ،، حتى عندما نتشاجر كانت تتشاجر معي
أتذكر كثيراً
أحياناً نشتبك أنا وهي بالأيادي ،، كانت تحب أن تتشاجر معي أنا اعرف ذلك جيداً كانت تفتعل أحياناً شجار
وأنا كنت أرحب بكل سعادة
في أحدى المرات كنا نود أن نشتري الأيس كريم قلت لها ماذا تريدين فطلبت نوع معين فلنقل الفانيليا
وانا أشتريت الشوكلاته
ولكنها بمجرد أنصرافنا قالت بدلال أرتجفت له جدران قلبي ،، أبي برّيدك
قلت شنو مو كيفج هذا حقي
قالت بتكاسل وتوئده : كـ يـ فـ ي
راح أخذه بالغصب
ورحنا نتشاجر بطفولة وشقاوة
كانت لمسات يديها الحريرية تثير بداخلي أحاسيس جبارة تتفاقم وتحرمني من النوم عندما أندس بفراشي وأخذها معي لأخر مدى الخيال
كنت أتخيلها بسرية تامه معي مستلغية على ذراعي تتكسر ضحكتها بدلال وإغراء فأضمها بقوة إلي
لم أكن أشعر بالرغبة تجاهها أبداً
كان شيء يتصاعد من بطني نعم أشعر به يبدآ بالصعود من بطني ويستقر بعيني ويجعل قلبي يرتجف بنشوة محببه ويجعلني نائم ولست بنائم
كنت أناجيها وأحبها أحبها كثيراً جداً حتى إني أحيانا عندما يسيطر عقلي على مجريات الأمور قليلاً أشفق على نفسي وتخنقني العبرة ،، لقد كانت مشاعري خضراء طرية وبريئة جداً
في أحد المرات أهدتني صورة خاصة لي فقط
كانت صورة خيالية
لازالت في صندوق الطفولة تقبع هناك بكل أمان وتحمل طفولة الماضي الجميل
كانت هذه الصورة ملاذي وسر سعادتي
تتواتر الذكريات
في إحدى المرات التي جمعتنا
كانت تشرب البيبسي
أتيت أنا ومن حسن حظي إني جلست بالقرب منها قلت لها فجأة وبدون مقدمات
عطيني بيبسيج
نظرت لي وأتسعت عينها دهشة ولكن نظرة أرتياح سكنت بعمق أحداقها
قالت
هذا البيبسي وايد خذ واحد
قلت لا أبي حقج أبي اشربه
اكتست وجنتها بحمرة خجل وفاضت منها نظرة ساحرة أصابت قلب قلبي بمقتل
ومدت يدها لي
أخذته منها وشربته مرة واحدة لم اكن ادري ماذا افعل كانت الحواس هي من تتصرف
كنت قريب منها كثيرا وكنت ارتدي تي شيرت بدون اكمام وهي أيضاً كانت ترتدي شي بأكمام قصيرة
لمست ذراعي ذراعها في تلك اللحظة شعرت بشي يشبة الحريق يتصاعد بدمي وأحسست أن يدي أنشلت لا أريد ان احركها اريدها هكذا ملتصقة بها ،،، لم أعرف كيف ابتعد عنها ،،
فجأة منحتني كل ما أحتاجة لاصبح شخصية أخرى ،، أصبحت اثق بنفسي
وأرى نظرات الحسد في عيون الأخرين تكاد تفتك بي
في البدء كنت أتحاشى نظراتهم ولكنها جعلتني أواجههم ،، علمتني بحبها أن أكون قوي
وأن أتخذ قراري الأهم ،، قررت إنها لي وأشعت الخبر بين الجميع لكي أقطع دابر أي محاولة من أحد للتقرب منها ،،، أصبح الجميع يعرف هي لي وأنا لها
ولكن كان للحياة رأي أخر
دائماً يكون للحياة رأي أخر لا نملك إلا أن نرضخ له بكل ذل
في يوم أسود
رن جرس هاتف منزلنا وردت أمي ،، بعدها تعالى الصراخ ولطمت الكفوف الخدود
لم أفهم من همهماتهم ومن بين دموعهم سوى أنها أصيبت بنوبة قلبية
قلبها
قلبها توقف عن العمل وعن الحب
هكذا بكل سهولة وفي فورة شبابها توقف قلبها عن العمل
ورحلت عن عالمي وتركتلي تركة كبيرة من الذكريات التي لا اعرف أين أهرب منها
تركتني ،، ماتت
عندماً سمعت الخبر شعرت بغصة في بقلبي و تجمدت الدموع ولم تنزل
ذهبت ووضعت رأسي تحت صنبور المياة ثم أخذت المنشفة وأختبأت تحتها
وبكيت
بكيت كما لم أبكي من قبل