6/18/2011

عالم خيالي





بعد يوم طويل استنزف مني اغلب جهدي، عدت إلى البيت وأنا ابحث عن مأواي

ابحث عن فراشي الذي أدفن فيه جسدي فأغيب في عالم النوم
لذة النوم لاتظاهيها لذة


بعد غفوة لم ادرك مداها صحوت مفزوعا على رنين هاتفي كان الوقت متأخرا

قال هل تذهب معي السينما

قالت بدون تفكير نعم،

قال سأصحبك بعد ساعة قلت "اوكي

وضعت نفسي تحت "الدوش" الساخن وانتهيت منه بسرعة

ارتديت ملابسي وشعرت بأنتعاش كبير .. كان عقلي متأهب ومشاعري متوثبة .. وفي قلبي خفقة كسولة تبحث عن الحب ..
ذهبنا إلى " الافنيوز" الناس تتحرك .. تتبادل النظرات بصمت مثير

التفاوت الكبير في الأوضاع الاجتماعية يظهر بصورة جلية بين الناس عبر الأشكال طريقة اللباس الحديث .. المعاملة " نحن مجتمع متفاوت بكل شيء، الأشياء التي تجمعنا هي ذاتها التي تفرق بيننا"


كنت أنتظر صديقي الذي ذهب لشراء بعض "الناتشوز" و"الأم أند أمز" كما هي عادته دائماً، قلت في نفسي :" تباً للعادات التي تبقينا عبيداً لها دون أن نشعر، ياليتنا نستطيع أن نتغير، التغيير أفضل ما يمكن أن نصنعه في حياة شديدة الغرابة والوضوح معاً


قبل أن نذهب إلى قاعة العرض ونحن في الرواق الجانبي للصالة الكبيرة مرت من أمامي فتاة ملفتة للنظر كانت ترتدي لباس يحدد ملامح جسدها الناضج تحرك شيء ما في داخلي الجاف وعادت التساؤلات من جديد "لماذا تتحرك هذه الأشياء رغماً عنا"

سألت صديقي قبل أن نجلس " هل شعرت بالحب من قبل" .. ضحك كثيرا على سؤالي الغريب .. وقال بتهكم ساخر .. "اجلس فقط"


كان الفيلم .. رومانسي بامتياز .. يحكي قصة حب عاصفة بين شاب وفتاة .. تستمر سنين طويلة .. يلتقيان ويفترقان .. يستمتعان ويتألمان .. يضحكان ويبكيان .. كأن المؤلف يقول لنا : ما الحياة سوى حالتي نقيض لايمكن أن نشعر باحداها قبل أن نجرب الاخرى
عندما انتهى الفيلم وأنيرت اضواء الصالة كنت أشعر برغبة كبيرة في البكاء .. تكثفت اللحظة في داخلي بصورة مذهلة وشعرت بأني أكاد أقبض على حكمة هذا الكون .. عقلي سارح في البعيد .. يتساءل عن جدوى كل شيء .. وقلبي .. أة قلبي .. كان هائماً في عالمه الشفاف، يمور على وقع عواصف العاطفة المهتاجة.

في المركبة ونحن عائدان كان الوقت متأخر جدا وكنت أعلم أن غدا يوم طويل أخر ولكني أستسلمت لنوازع غامضة وطلبت من صديقي برجاء حار أن يضع لي في جهاز التسجيل موسيقاي المفضلة وأن يسير على مهل وإن أمكن ، ان يعود من أطول طريق ممكنة


بدت لي الطريق الاسفلتيه معبدة على نحو غريب .. وشعرت بلحظة ما أن بأمكان المركبة أن ترتفع وتلج بنا أبواب ذلك العالم المنتظر .. العالم الكبير ، المثالي، الصادق، الذي بأمكانه أن يمنحني دفء الحياة الغائب ابداً .
كنت أتمنى أن تُختصر كل الحياة في هذه اللحظة . أن ينتهي العمر وأنا سارح في خيالات تطير من الارض وتحط في السماء.
قطع صديقي حبل أفكاري المشدود .. وقال ، :" البطلة كانت جميلة جداً لها شفتين تقتلان"ضحكت بصفاء طويلاً .. وقلت :"هناك فقط بأمكانك أن تشعر بالحياة


حين دلفت إلى غرفتي كانت خطوات الفجر الاولى تتقدم بتأني ساحر .. صليت الفجر .. وتكورت داخل فراشي طلباً للنوم قبل أن يبدأ يوم طويل أخر .
فجأة قفز مدير عملي إلى مخيلتي رأيته يستفسر عن الواجبات التي ينتظر مني أن انهيها تذكرت ايضا الأوراق الكثيرة التي تنتظر على مكتبي .. وحالة النعاس والأرهاق في منتصف اليوم.. حلت هذه الأشياء فجأة كعاصفة مباغتة واقتلعت كل ماهو جميل في نفسي


كان الحب والحكمة والمتعة والحياة أخر ما أفكر فيه في تلك اللحظة.

6/03/2011

كلمة



ذات يوم وكان يوماً خريفيا ً ، مثل يومنا هذا



ولا بد أننا كنا في العاشرة من عمرنا



جلسنا معاً في تلك الساحة التي تظللها السنديانة الكبيرة



وكنت أهمُّ بنطقِ ما رددته في سري مراراً و تكراراً ، خلال أسابيع و اسابيع



وما إن صممتُ على القول ، حتى أخبرتني أنك ِ فقدتِّ ميداليتكِ في كنيسة القديس( ساتوريو ) الصغيرة



وطلبتِ مني أن اذهب لأحضرها
كنتُ أذكر جيداً .. رباه، كم أذكر جيداً !

و تابع قائلا :

لقد عثرتُ عليها



ولكن حين عدت إلى الساحة ، كنت قد فقدت جرأتي على النطق بالكلمات التي طالما رددتها في سري



وعندها عاهدت نفسي على أن أعيد لك الميدالية فقط في اليوم الذي أستطيع أن أكمل العبارة التي هممتُ بنطقها قبل عشرين عاما



لطالما حاولت أن أنسى لكن العبارة بقيت ماثلة في ذهني وما عدت أقوى على العيش ، وهي ماثلة على هذا النحو




توقف عن ارتشاف قهوته ، أشعل سيجارة ، ولبث بعض الوقت مستغرقا في تأمل السقف ، ثم التفت نحوي

إنها عبارة بسيطة .... أحبك!





......
من رواية على نهر بييدرا هناك جلست فبكيت .. لـ باولو كويلو