لقطة
-----
يجاورني في المكان ذاته ودائماً اجده امامي ، يلقي عليّ تحية الصباح كل يوم ويبتسم برضا وأمان
لا أعرف كيف يبقي ابتسامته الجميلة الطيبة طوال الوقت معلقة على محياه
في أحد الايام رأيته حزين على غير عادته
سألته بصدق .. مابك تبدو اليوم على غير العادة هل من خطب ؟.. هل يمكنني أن اساعد
قال .. أشكرك على شعورك الطيب ولكن كما تعرف في الحياة ياصاحبي لا يوجد شيء ( أي شيء ) يبقى على حاله ...كل شيء يتغير
ومايجعلني أبدو على غير عادتي مرض زوجتي وشريكة عمري ، أرجوك ادعو لها بالشفاء
قلت وقد جاش في قلبي شعور غاتم .. أنا أسف ، أتمنى من الله العلي القدير أن يمن عليها بالصحة والعافية
قال أمين ومضى إلى عمله
شعرت بغصة في صدري وتمنيت من نوابع مشاعري واصدقها أن يشفي الله زوجته ويعيد إليه إبتسامته التي تمنحني الكثير من التفاؤل والأمان
في اليوم التالي لم يأتي
حاولت أن اتصل به ولكني لم أوفق كان جهازه مغلق
كم اكره هذا الشعور عندما أتصل بشخص لأمر ضروري واصطدم في " الجهاز مغلق " أكره هذه الكلمة جداً
صبرت في باقي اليوم وانا اقول ربما فضل البقاء مع زوجته المريضة
في اليوم التالي أيضاً لم يحضر
لا .. لا يمكنني الأنتظار أكثر ، أستأذنت من عملي و قصدت منزله
طرقت الباب طويلاً جداً، وقبل أن يبلغ اليأس مني مداه، فتح الباب رجل أخر
لم أعرفه ، كانت لحيته متناثرة بعبثية على وجهه ، عيناه ذابلة ومحمرة
يبدو إنه كان يبكي
عندما رأني خر باكياً على كتفي وهو يهمهم ماتت .. ماتت
أليس الموت حق، همست بأذنه ، وأردفت بصوت هادئ هي هناك بين الملائكة تنظر إليك من الأعلى
لا تجعلها تشعر بالضيق ، إبتسم لها فهي تراك ، روحها تحوم حولك
لا تخف ستظل ترعاك وتظللك بعاطفتها ، ستبقى تمنحك الحب والأمان
كان نشيجه يعلو على وقع كلماتي
أسندته وأخذته إلى فراشه وبقيت قربه إلى أن نام
لم أبرح مكاني وظللت أتأمله ، هذا الرجل الذي يبلغ من العمر عتياً ، يفيض قلبه بكل هذا الحب الكبير لزوجته؟
تسألت لماذا لا املك قلباً مثله
لماذا يتملل قلبي من كل المشاعر ولا يحتفظ بأحساس جميل أكثر من أيام
لا أعرف ماسر تلوني ، يبدو انني أشبه الحياة في تغيرها المستمر
مضى بعد ذلك عدة اسابيع كنت قريباً من صديقي الذي تعرفت عليه بشكل كبير في أزمته الأخيرة
عادت إبتسامته الجميلة تزين وجهه ورجع قلبه ينثر الحب على كل من يواجهه
سألته ... بماذا تشعر بعد أن استوعبت واقع رحيلها من حياتك
فاضت عيناه بنظره شوق كبيرة
وقال لا يمكنني أن أقول سوى شيئاً واحداً
إنها الحياة يا صديقي