7/14/2011

المسيح يصلب من جديد




منحتني رواية "المسيح يصلب من جديد" لـ للكاتب اليوناني نيكوس كازنتزاكيس الكثير من المتعة والكثير من التفكير والكثير من الألم.



جاءت بصفحاتها الـ 646 مثل نسمة هواء رائقة في نهار صيفي قائض واحتلت المرتبة الأولى في الروايات المفضلة ، زائحة في طريقها أكثر من رواية ظلت عالقة في بواطن النفس والعقل لأعوام طويلة.



بالنسبة لي من الصعب أن أجد رواية تحرك ركود التفكير و توسع مدى الخيال و تتحكم بخيوط المتعة و تزجك مرغماً إلى فضاء التأمل والتحليل والتفكر بكل هدوء وبساطة.



حقيقة دائماً أمنت أن البساطة والعمق حين يتمازجان ينتج عنهما عمل إبداعي لا مثيل له، وهذا ما أكده لي كازنتزاكيس في روايته "المختلفة" هذه، فهو يصيغها ببساطة ممزوجة بعمق متفرد عبر لغة شاعرية مليئة بالتعبيرات والمصطلحات النادرة التي تحمل المعنى بدقة يصعب الوصول إليها.



كثيراً ما وقفت أتأمل بعض التعبيرات والجمل سواء التي توصف المكان أو الشخصيات أو الأحداث، وأنا أعيد قراءتها وأردد في نفسي كيف له أن يصيغها بكل هذه البلاغة والدقة معاً.

يصور كازنتزاكيس في الرواية جشع وفساد وتسلط القوة الدينية المتمثلة في الرهبان والقساوسة والأعيان الذين أعمتهم ملذات الحياة عن رؤية جوهرها ودفعهتم مكانتهم وأملاكهم إلى التجني والقسوة دون أي رادع.



شخصيات الروايات عبارة عن ملائكة وشياطين. ملائكة يريدون أن تكون الحياة واحة حب وسعادة تشمل الجميع، وشيطان يستغلون قوتهم الدينية والدنيوية لرغباتهم الخاصة، متفردين بخيرات الأرض طمعا وجشعا ودناءة.



القصة شديدة البساطة لكن تفاصيلها شديدة العمق والتعقيد،ومثلما يقول المثل الانكليزي "الشيطان يكمن في التفاصيل"، كانت الشياطين تسرح في تفاصيل الرواية التي حملت تساؤلات وأسئلة عامة بلا أجوبة شافية.



ختم كازنتزاكيس روايته بكلمة غاية في العمق والوضوح " لا جدوى يا يسوع ... لا جدوى" ، لكنه في الوقت ذاته جعل أبطاله الذين تأكلهم الظلم والحرمان رغم نقائهم ، يبدؤون من جديد رحلة البحث عن الحياة دون يأس أو نكوص.



برأيي خلاصة الرواية تقول .. الحكمة روح مخفية.. لانراها ولا نلمسها لكننا نظل نطاردها مدفوعين بإيمان خفي رغم بشاعة الواقع ودعواته المتكررة للاصطفاف في طابور الضياع الطويل.

8 comments:

Sweet Revenge said...

احب هالنوع من القصص الي فيه عبرة واحسها ترمز لكثير من الامور حوالينا
انحطت في القائمة
شكرا حسين عرض جميل
:)

AuThoress said...

ستجد الكثير من الكتابات مما يلامس شغاف الروح... وهي نادرة ، لكنها موجودة بلاشك

استمتع بالقراءة، فالصيف خُلق لذلك :)


ود

7osen said...

سويت

سويت .. سارعي واقريها .. لا تطوفج كم المتعة والعبرة والتأمل والجمال إللي فيها .. فعلا فعلا .. كازنتزاكيس هذا غير طبيعي .. انا قريت رواية زوربا اليوناني وتعلقت فيه رحت شريت هذي الرواية وحصلت فيها كل ما اريده واتمناه هههه
والحين قاعد أدور رواياته وكتبه ياليت احصلهم
:)

7osen said...

الأديبة المميزة

فعلا هي نادرة .. لكنني مثلما قلتي مؤمن بوجودها لذلك ابحث عنها دائماً

.
.
بإنتظار .. روايتك الجديدة .. أتمنى أن تكون ممتعة كالعادة

الف تحية :)

Lola said...

مر زمن طويل لم اقرأ فيه روايات طويله كهذه.. تثير شهيتى حسين لنهم القراءه الطويلة والغرق فى الشخصيات ومتعه تذوق جمال الإبداع الكتابي..
احب كم تحب ان تشعر وترى وتحلل كل الأشياء..

كن دوما بخير يا صديقي

لولا

7osen said...

لولا

صديقتي العزيزة .. كيف انتي ؟ .. وكيف هي احوالك .. أتمنى أن تكوني على أحسن مايرام
..

هذه الرواية فعلا رواية متكاملة .. رائعة وعميقة وبسيطة بالوقت ذاته
قراءتها بنهم ولازالت كلماتها وصورها عالقة في جنبات ذاكرتي

أنصحك بقراءتها
....
شكرا لك لولا
شكرا لمرورك .. ولكلماتك
أنتي من الأشخاص الذين أحبهم .. ذلك الحب الروحاني الذي تتقارب فيه الأرواح بصفاء ومحبة

الف تحية صادقة من القلب

Lola said...

كيف انا حسين .. اممم هذه الأيام اخبر نفسي اننى بخير واظل اردد ذلك ورجواتى الى الله تثق انه سيرعانى ويُلبسنى قلائد نور..
لا اعرف لما اصبحت الحياة ترهقنى بهذا الشكل..ولا اعرف لماذا صارت تنفذ منى علبه الألوان التى كنت الون بها الأيام وازرع الفرح والأمل
التدوين صار يستعصى علي احيانا ولذلك اغيب طويلا..لكنى القي عليك نظره كل حين واحب حقا ما تكتب.
تصدق انا ايضا اشعر انى اعرف روحك وتلمس صفائها.
فى رعاية الله وحفظه دوما

لولا

7osen said...

العزيزة لولا

نعم أخبري نفسك دائما وابداً إنك بخير .. وإنك أجمل و أن الله لابد سيراعاك ويملأ بالنور روحك الشفافة

بالفعل نحن نستطيع أن ننتشل انفسنا من مستنقع الركود والملل واليأس إذا ماواصلنا تشجيعها وحثها على السير إلى مناطق النور والمحبة والرضا

الوانك لن تنفد أبدا .. مادامت أمطارك الصافية ترسم قوس قزح في روحك

والتدوين هو حالة خاصة قد نصلها أحيانا بسهولة واحيانا تجافينا بعناد غريب

صديقتي العزيزة
بالنسبة لي أجمل وأنقى قرب هو تقارب الأروح .. لأنها تلتقي في ملكوت الصدق والشفافية

لك أجمل الاماني واصدق التحيات