3/20/2012

حالة متكررة


ضحكت بملئ قلبها على أحد عمال النظافة في الشارع عندما قفزت هرة صغيرة في وجهه من احدى حاويات القمامة

كانت متجهه إلى عملها مثلما تفعل كل يوم،ولأول مرة منذ فترة طويلة تضحك بهذا الصفاء والصدق

تساءلت بإستغراب لماذا ينحسر عالمها عن الفرح والضحكات .. لماذا أصبح الروتين والكأبة والخلافات المتواصلة مع أقرب الناس همها اليومي .

تذكرت انها حدّثت والدتها عن موضوع إنفصالها عن زوجها في الأمس وكيف كان رد فعل والدتها عنيفاً ورافضاً حتى معرفة أسباب هذا التفكير، حاولت أن توضح لها انهما يضغطان على نفسيهما من أجل حياة ستنتهي بالإنفاصل عاجلاً أم أجلاً.

وتساءلت من جديد هل لقب "متزوجة" يستحق أن تضيّع عمرها هدراً مع رجل لايحبها ولا تحبه
رجل مختلف عنها تماماً وهي ايضا مختلفة عنه.. عوالمهما منفصلة عن بعضها
لا يجمعهما سوى نداء الفطرة وإن كان في الفترة الأخيرة متباعداً جداً ويكاد ينطفئ مثل أغلب الأشياء بينهما.

حياتها معه خالية من الأحداث الحميمة، واللمسات الدافئة، والحنان البشري، رغم انه ليس سيئاً لكنها لا تحبه وهو لا يحبها.

فكرت كثيراً في الإنفصال .. وفكرت أيضا أن تستمر معه بهذا الوضع الذي يقتل الحياة داخل الإنسان لكنه ينقل للناس صورة الاسرة المستقرة التي يحيطها الهدوء والحب.


عندما وصلت إلى عملها انفردت بصديقتها المقربة وحدثتها عن رفض والدتها المطلق حتى التحدث بموضوع الإنفصال، قالت والدتها   "تريدين أن يلتصق بك لقب مطلقة و تلوكك ألسن الناس؟، هذا ماتريدينه ؟".
أخبرت صديقتها انها بالفعل تدرك حجم مخاوف والدتها.. وتدرك أيضا صعوبة الحياة بعد الطلاق ونظرة المجتمع المريضة، لكن يظل السؤال  مثل شوكة في القلب، هل تستحق نظرة المجتمع و رضا والدتها و تكوينّ العائلة أن تضيّع أجمل سنين عمرها مع إنسان لا تشعر بقربه بأي أحساس بالامان والحب.
وما الحياة أصلاً سوى شعور بالحب، وحضن دافئ، وعلاقة محبة و وود، وكل هذه المشاعر غير موجودة بينهما.


شعرت صديقتها بالحيرة، وقالت "وضعك محير جداً و لن أجد قراراً إن كنت مكانك، أعانك الله".


تجمعت بعض الدموع في أحداقها البعيدة، وشعرت برغبة جامحة بأن يحتضنها أحد بحب و أن يتحسس ظهرها بكف دافئة تمنحها دفقة معنوية من الأمل، لكن لم يكن هناك أحد ليفعل ذلك.. ولأن لا احد يفعل ذلك تشعر بالوحدة والبرد.


عندما وصلت إلى بيتها .. كانت تشعر بخواء كبير في روحها .. وتحتاج "وكم تحتاج" إلى ضمة  صغيرة تعينها على المواصلة.
رأته متمدداً على الأريكة أمام التلفزيون في الصالة يقلب القنوات دون أن يستقر على واحدة.
 شعورها تجاهه مثل غالب من الثلج بارد وجاف .. حاولت أن تمرر شيء من حرارة مشاعرها إلى علاقتهما .. رمت بحقيبتها على الطاولة وأتجهت صوبه وهي تضع على ملامحها إبتسامة حب واغواء.. جلست ملتصقة به وقالت وهي تنظر بعينيه مباشرة :"هل تتغدى معي؟"، ابتعد عنها بشيء من النفور وقال:" أكلت قبل أن تأتين .. بالعافية"،وواصل تغيير المحطات دون أن يعيرها أهتمام.


نهضت بعصبية وخيبة  ودمعتها معلقة على طرف جفنها .. اتجهت صوب السلم وهي تشعر بحزن كبير.. وقبل أن تصعد .. عادت مسرعة بإتجاهه .. وقال :" لماذا تعاملني بهذه الطريقة"، شعرت بالغضب والانفعال ينال منها واكملت:" اريد أن تشعرني ولو مرة بالحب، لماذا تزوجتني إن كنت لا أعجبك، تكلم .. أنت لا تملك سوى الصمت والتجاهل".. زفر بقرف وقال :"هل تعرفي شيئاً .. النساء بشكل عام لا يستطعن أن يرن رجل مرتاح دون أن ينقصن عليه"، رمى بالريموت على الطاولة واستل مفتاح مركبته وتوجه نحو الباب .. لحقته والحنق يتزايد بقلبها .. :"طلقني".


 نظر لها بإستهزاء ودون أن ينبس خرج وصفق الباب خلفه. 








4 comments:

الجودي said...

بوست واقعي جدا و مشهد يتكرر في غالبية البيوت حتى عند الرجال الأكثر رومانسيه :)

هي فترات تمر فيها كل علاقه فتور و هدوء و غالبية النساء خلال هذه الفتره تفكر بنفس اسلوب بطلة البوست الرفض و الحيره وسط عدة قرارات .. و أما أي لمحة للحنان تعود لسابق عهدها ...

وهو رجل تقليدي متعقل و ممل أيضا

عودة حميدة حوسن :)

وشكرا على هالبوست

Anonymous said...

لااعلم لماذا يخاف الناس من كلمة مطلقه مع انه شرع حلله الله كالزواج
لماذا تدفن المرأه نفسها مع رجل كهذا من اجل الناس
غدا ستنجب الاولاد وسيصبح مسمار جحا الذي لايمكن التخلص منه
عذر آخر للبقاء خوفا من كلام الناس
شخص كهذا يستخق امرأة مثله متبلدة الاحساس

7osen said...

جودي

ياهلا ومرحبا

فعلا هذا المشهد موجود للأسف بكثرة في واقعنا .. والسؤال إللي يطرح نفسه ليييش ؟

صارت العلاقات الزوجية السعيدة والمستقرة قليلة جدا وشبه معدومة

أمر مؤسف بالفعل

شكرا لمرورك جودي
تحياتي لك

7osen said...

غير معرف

ياهلا والله

الخوف من كلمة مطلقة يسببه المجتمع الذي لا يغفر للمرأة المطلقة وينظر لها نظرة ناقصة لذلك تعيش الكثير من النساء مع رجال لا يربطهن معهم شيء ابداً