6/27/2012

العدالة




مليت من الكتابة في الرياضة بحكم شغلي ... وانتابتني حالة من الفراغ دفعتني للابتعاد عن التفكير في الكتابة الأدبية حتى يحين موعد العودة .. فقلت أبي أجرب أكتب بموضوع عام .. وأخترت موضوع العدالة .

..........................................


تعتبر العدالة القيمة الأهم في منظومة القيم التي يجب أن تسود في كافة المجتمعات الإنسانية باختلاف توجهاتها وبتعدد مفاهيمها، ذلك لأن قيمة العدالة تكمن في المساواة بين جميع البشر الأمر الذي إن طبق بشكله الصحيح سادت لغة السلام والاطمئنان بين الناس وهو الهدف الأسمى الذي تسعى إليه البشرية جمعا.
إلا أن هذا الهدف بعيد كل البعد عن التطبيق على ارض الواقع (على الأقل بمعناه المطلق) لأن مفهوم العدالة بحد ذاته يعد مفهوماً نسبياً يختلف من مجتمع لأخر، وما قد يراه مجتمع ما عدل قد يراه مجتمع أخر قمة التجني والظلم نظرا لاختلاف البشر في مفاهيمهم وفهمهم لقيمة العدل المطلقة.
وللعدالة وجوه كثيرة ومتعددة، فهناك العدالة الدينية التي ترتكز بتطبيق مفاهيمها على النصوص الدينية التي جاءت بالكتب السماوية، وهذه أيضا تختلف في حيثيتها من ديانة لأخرى وتتعدد فيها الخلافات نظرا لتباين التفسيرات في النصوص الدينية رغم اتفاقها على مبدأ واحد هو تقديس العدالة بين الناس.
وهناك العدالة الاجتماعية التي تأتي وفق الأنظمة والقوانين التي تضعها البلدان وهي أيضا تختلف بصورة شاسعة جداً من بلد لأخر، فضلا عن أنها (العدالة الاجتماعية) تبدو في أضعف صورها في المجتمعات العربية عنها في نظيراتها الأوروبية على الرغم من أن الكتب السماوية والديانات التي تتبعها هذا الأنظمة العربية تشدد على ضرورة تطبيق العدالة بين الناس بصورة لا تقبل التفريق.
وأيضا هناك العدالة السياسية التي تبدو الحلقة الأضعف من بين وجوه العدالة المختلفة نظرا لأن السياسة تضع المصالح العليا للأنظمة التي تديرها فوق كافة القيم وجميع المفاهيم، لذلك نجد الكثير من الظلم والقسوة في مجتمعاتنا العربية التي تعتبر الأنظمة السياسية فيها نفسها وصية على البلاد والعباد ما يطلق يدها لتتدخل في شؤون الناس ضاربة بمفاهيم العدالة عرض الحائط.
وبصورة عامة فأن العدالة مطلب إنساني ملح يحتاجه الفرد ليشعر بقيمة الحرية والمساواة مع نظرائه من البشر، والعدل يمثل جوهر الإشباع للناس حتى يتلمسوا معنى وجودهم في ظل عالم تتصارع فيه الأنظمة والأمم للسيطرة على مقدرات الحياة،و في الوقت نفسه الذي تناضل فيه مؤسسات حقوق الإنسان لتطبيق مفاهيم الحرية والمساواة بين الناس وهي المفاهيم التي لا يمكن تطبيقها دون أفشى مبدأ العدالة الذي يعتبر القيمة الأسمى بين جميع المفاهيم الأخرى.
يقول الله عز جل في سورة النساء الآية 58 "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل"، وهي آية تحث أولي الأمر على العدل الذي ذكره الله في كثير من آيات كتابه الكريم وحث الناس على تطبيقه في الحياة الدنيا، إلا أن طبيعة الإنسان الجانحة في فطرتها نحو القسوة والتسلط تهيمن أحياناً على أصحاب القرار وتدفعهم إلى ظلم الناس بمختلف الذرائع والحجج،وهو مانراه في واقعنا الحالي بصورة جلية جداً في مختلف البلدان رغم الجهود الجبارة التي تقوم بها منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات المهتمة بالعدالة والمساواة.
  

No comments: