3/13/2009

الوسط




بعدسة " بلو " أخي الاصغر والأمثل
:)

-------------
قصة
------------
زرعتني الحياة في الوسط ... وسط كل شيء .. وسط الحب ، وسط الألم ، وسط القوة ، وسط الضعف .. إنني أعاني من منطقة الوسط إنها منطقة الحيرة والضياع والهدوء الحانق ، منطقة الفراغ ، الوسط ليس خير الأمور بل أتعسها حتى ترتيبي بين أخوتي الخمسة الثالث في منطقة الوسط ، تفكيري متوسط ، وضعي في الحياة متوسط ، إحساسي ، مشاعري ، كل شيء في ذات المنطقة
قالت لي أمي إنه دكتور جيد سيفهم ما أقوله وسيعاملني كصديق ، ورغم عدم قناعتي ذهبت إلية
قابلني بابتسامة لطيفة زينت وجهه الكبير ، كانت عيناه خالية من التعبير ، بعد تبادل التحية قال لي أستريح ، رأيت في مكتبه تلك الأريكة الكبيرة التي يسترخي عليها المريض ويجلس الدكتور خلف رأسه مباشرة ليبدآ في سرد قصته عليه ، بمجرد ما لمحتها حاصرتني ضحكة كبيرة بذلت مجهود كبير لإخفائها
قال سندخل في الموضوع مباشرة ، وأردف متسائلاً هل تريد التمدد على الأريكة كي تسترخي أكثر ؟
في تلك اللحظة لم أستطع أن امنع ضحكتي فندت عني قهقهة صغيرة ، قال وهو يبادلني الضحك لا تريد أليس كذلك ؟
قلت وأنا أشير إلى مكان جلوسي هنا أفضل
بدأت بالكلام ... حقيقة لم أكن أعرف ماذا أقول ، كيف يعتقد هؤلاء الأطباء النفسيون أن المريض بإمكانه أن يسرد لهم كل تفاصيل حياته وكل مشاعره وتصوراته بمنتهى البساطة بمجرد سؤالهم
قلت للدكتور وأنا أحاول بكل طاقتي أن أقنع نفسي بفكرة وجودي هنا .. أنا يا دكتور أريد أن أعرف رأيك في ما اشعر به إنني أعاني من عقدة الوسط كل شيء في حياتي يقع في منطقة الوسط وبدأت أخبره بأشياء كثيرة عن عقدتي هذه
وحين انتهيت من حديثي نظري لي وابتسامته لا تزال تزين وجهه وقال
أنت لست مريض ، كل ما تحتاجه أن تغير نظرتك لما حولك ، وحدك تستطيع أن تخرج نفسك من هذه المنطقة التي تقف بها .... لا يوجد شيء أسمه المنتصف أو الوسط كما تتصور ، أنت وضعت نفسك هناك من خلال تصوراتك المسبق ، كل ما يمكنني أن أقوله لك أنطلق وأبحث عن المقدمة كن الأول في اكتشاف نفسك ، الأول في رؤية جمال المطر حين يتساقط ، الأول في المبادرة ، ... منطقة الوسط التي تعاني منها هي من تصورك ومن اكتشافك أنت فقط هي ليست حقيقة
فكل شيء نتصوره بإمكاننا أن نقنع أنفسنا بأنه الحقيقة
الخطوة الأولى في الخروج من ما أنت فيه تغيير شعورك الداخلي ، تأكد يا صديقي لا يوجد شيء أسمه منطقة الوسط الحياة كلها مراحل مختلفة اليوم في المقدمة وغداً في الوسط وبعده في المؤخرة وهكذا
لا يوجد شيء ثابت بهذه الحياة ، عليك أن تتشكل معها وأن تكون دائماً مهيأ للتغيير
قال جملته الأخيرة ونهض معلناً انتهى المقابلة ، ودعته شاكراً وممتناً وفي داخلي تزداد الأسئلة والحيرة
ويا للصدفة كان الجو ماطراً ، لم أذهب إلى سيارتي ، حاولت أن أكون الأول في اكتشاف جمال المطر حين يتساقط
مشيت تحت المطر وتركت نفسي تهيم في خيالات بعيدة
تبللت ولم أرى جمال ، لم أكن الأول
عدت مسرعاً إلى سيارتي وأنا أرتجف من البرد وجدتها في منتصف المواقف ، ياإلهي لمذا أوقفتها هنا بالذات ؟
عدت إلى المنزل وأنا لازلت أرتجف ، في الليل جلبت أمي الدكتور لرؤيتي لقد أصابتني الحمى من جراء سيري تحت المطر
اكتشفت إني لا يمكن أن أكون الأول في شيء
ربما هذا هو سر تكويني الفطري ؟
قلت وأنا بين الغفوة والإغماءة وإحساسي بالمرض يسيطر عليّ
المقدمة تحتاج أشخاص من نوع خاص ، وبالتأكيد أنا لستُ منهم يا دكتور

-----------------------

وداعة قلبي بدينج وداعة

ألا يا شين وقفات الوداعي

كثير البعد عنج لو هي ساعة

أحس بغيبتج العمر ضاعي

أنا مركب مسيره في شراعه

وإنتي يا بعد عيني أشراعي

عبدالكريم

------------------

إهداء إلى ميشو و ليلة الجولة الجميلة

ثلاث دقايق




19 comments:

Bloggerista said...

هممم تدري قصتك خلتني أفكر

أعتقد اللي ما يبي يكون في المقدمة عنده خوف من الفشل

مو دايما يقولك الوصول للقمة سهل لكن المحافظة عليها صعب

أحس اللي ما يبي يوصل خايف من تحمل المسئولية

انت شرايك؟

SHAHAD said...

المقدمة تحتاج أشخاص من نوع خاص ، وبالتأكيد أنا لستُ منهم يا دكتور

أعتقد كلامه صحيح
لو كل واحد يستطيع الوصول للمقدمة .. جان الكل بالمقدمة : )

حسين .. جميل ما كتب قلمك : )

Anonymous said...

من يرضى بالفتات هو انسان لن يكون الأول ابدا

انت اخترت ان تكون وسطي المشاعر

تطلع للي فوق شويه وتدري ان مو مكانك

وتنزل تحت شوية وتدري ان يناسبك احيانا اكثر من الوسط

انت ومن تختار

من صحبة تكون معهم تحت

او رفقه ترتفع بك فوق

ناس توطيك وناس تعليك

انصاف المواقف لن تجعل منك قائدا او رائدا في اي مجال

الإنسان اللي سهل قيادته

عمره ما يكون قائد ذا رأي وعزيمه وقرار


نحن من نختار العتمة او الظل او النور

وانت اخترت الظل

واللي يعيش بالظل هو تابع



سواء كنت انت اللي بالقصه او هي مجرد قصة


هالإنسان ضعيف

وما يصلح يكون الا تابع

ظل

واحيانا لا شيء

7osen said...

Bloggerista

ياهلا والله ومرحبا

ليش غيرتي أسمج ؟

:)

في ناس الخوف من المجهول يخليهم في منطقة وحدة لايمكن يتقدمون للأمام

خوفي مرضي وهذا أصعب شي

فعلاً أنا أايدج إن الخوف أهو السبب

لكني أشوفه خوف مو من المسؤولية أو الفشل
لا
خوف من المجهول


شكراً لج عزيزتي على مرورج الجميل
تحياتي لج

7osen said...

شهد

ياهلا والله ومرحبا

فعلاً مو أي شخص ممكن يوصل للمقدمة

المرتبة الاولى تحتاج شخص سليم
قادر على بناء نفسه في كل وقت وتحت أي ظرف

لكن الوسط
منطقة ممله
منطقة ثقيلة

أشكرج شهود على تواصلج
اتمنالج كل الخير

:)

7osen said...

Anonymous

اهلا وسهلا

أحب اشكرك على تفاعلك مع الكلام

وكلامك صحيح أنا أأيده

عجبني وصف
العتمة والظل والنور

فعلاً هي كذلك

الإنسان إللي يكون في منطقة الظل
إنسان تعيس جداً

ومثل ما قلت
أحيانا لا شيء

شكرا للمرور
تحياتي لك

:)

Paris said...

مبدع..
هاي اول زيارة لي لبلوقك و من خلال قراءتي لكلماتك اكتشفت انك مبدع و لازم ما تحبط من معنوياتك و تظل رافع راسك يعني صج انك حاط روحك في مرتبه الوسط لكن انت تستاهل اكثر و هذا ماالتمسته من كتاباتك و لا تستسلم فدائماً هناك فسحه امل مثل ما قال الشاعر و مثل ما انت متخذ هالكلمات منه و دائماً هناك خيووط من النور تخرجنا من الظلمات

دمت بخير

تحياتي لك :)

7osen said...

paris

ياهلا والله ومرحبا

حياج الله اختي

مشكورة على زيارتج وكلماتج الطيبة

اتمنالج كل الخير

:)

سبمبوت said...

أحببت القصة ...
وأحببت فكرة أن يكون لك نظرة فلسفية للأماكن الضمنية من حولنا ..
أحيانا كثيرة يختلط واقع "من نحن" في "اين نحن" فيغزونا المكان ويأخذ جوهرنا أسيرا ضعيفا لديه.

كن دوما هكذا متألق

سبمبوت said...

على فكرة حسين ..
ما هو البوست الذي اعجبك جدا في مدونتي؟ ولماذا اعجبك؟

فراوله said...

مساالورد والجوري
عزيزي صاحب الاحاسيس المنفرده
حسين
فلسفة الوسطيه متعبه لدرجة اللانهايه
):
وكم هي صعبه تلك الحالة التي تعتري ذلك الشخص الذي لا يستطيع التقدم ولو بخطوة صغيره نحو المقدمة
....
فالمقدمة لغز لا يستطيع حله
من يمتلك الوسطيه
بكل شي
!!!!
دمت كما انت منفردا
باحاسيسك الرائعه
ابدا
:)

Sweet Revenge said...

اول شي ابي عنوان هالدكتور ;)
ثاني شي انت ليش ماتسمع الدكاتره
الدكتور كلامه صح
احنا الي نحدد وين نكون بس همن المقدمة لها ثمن مستعد تدفعة ؟
كتاباتك حلوة حسين فلسفية وتخلي الواحد يفكر

7osen said...

سبمبوت

اهلا وسهلا أختي المتألقة
حياج الله

فعلاً انا اعتقد أن الاماكن لها دوراً كبيراً في تكوين شخصية الإنسان

أظن ذلك

:)

البوست إللي عجبني جداً جداً

الرجل الذي لا يبكي كان بوست مذهل

مشكورة عزيزتي على تواصلج تحياتي لج

7osen said...

فراولة

ياهلا والله والف مرحبا بالعزيزة فراولة

نعم فلسفلة الوسطية متعبة لدرجة كبيرة
واعتقد إنها حالة مرضية أكثر منها فلسفة واقتناع

اتمنالج دوام المقدمة
:)
تحياتي لج
وشكراً على المرور الجميل

7osen said...

سويت

ياهلا والله ومرحبا

عنوان الدكتور اهو عنواني
يعني انا الدكتور

تصدقين أنا المفروض أكون دكتور نفسي
عندي هالهواية
ههههه

اكيد كل واحد مستعد يدفع ثمن المقدمة
بس الاهم إنه يعرف طريجها

:)

تحياتي لج عزيزتي
وشكرا على المرور المميز

جنون إحساس said...

رائع ما كتبت, ولكنني أرى أن كل شخص يستطيع ان يكون في المقدمة متى أراد ذلك
---

استمتعت بمشهد الأمطار
والابتلال, والهروب
:)

7osen said...

جنون احساس

ياهلا والله ومرحبا

شلونج جنون

الاروع وجودج

انا اخلفج بالرأي
مو اي شخص يقدر يكون في المقدمة متى ما اراد ذلك
لأن بكل بساطة كل الناس تبي تكون بالمقدمة

بس المقدمة تبي نوعية خاصة من الشخصيات
ومن قوانين الكون إن في شخصية قوية وفي شخصية ضعيفة

يعني في احد يقدر وفي احد مايقدر

:)

اشكرج جنون على تواجد
اتمنالج كل الخير

كبرياء وردة said...

الحياة ماراثون طويل

المجال فيه مفتوح للجميع

والناس قدرات ومواهب

فمن كانت لديه المقدرة على التنسيق بين التنفس والجري (بين احتياجات الروح والجسد)

تصدر هذا السباق

وأما ذووي القدرة المحدودة
بقوا معلقين في المنتصف

فلا هم بفائزين ولا بخاسرين :)

7osen said...

كبرياء

اهلا وسهلا

اعجبني تشبيهك للحياة بماراثون طويل

نعم هي مسألة قدرات
الحياة باكملها مسألة قدرات

معك كل الحق


كبرياء
شكراً لتعطيرك هذا المكان
بشذى ورودك

لك كل التحية