
أحضني فوق الشوق مايقدر
....
احتاج أن ابكي
------------------------
فلنبدأ
......
هذا اليوم تجمعت في قلبي مشاعر مؤلمة، غمرت عيناي بماء الروح الذي راح يتجمع في مقلة ضعيفة
سرعان ما تُدك حصونها فتفيض أنهار الدموع
كنت صغيرا جدا عندما رأيتهم لأول مرة يذهبون دون أن يصحبوني معهم
تكرر هذا الامر بصورة يومية ولسنوات طوال ... يتركوني وحيداً متشبث بذيل والدتي التي تنتقل من عمل إلى أخر في بيتنا التعس
أسألها لماذا لا أذهب معهم .. ولا تجيبني .. فينفطر قلبي من الألم...
لطالما ظلت عيوني تتبعهم بحسرة وقلبي يرتجف برغبة عارمة في مرافقتهم، اريد ان اذهب معهم واكون مثلهم
أريد أن اتشكل بطبيعية، أن أختبر نفسي ، أن أشيد كياني لبنةُ لبنة
لكني بقيت عائما.. مجرد خرائب بلا معالم .. ملامح مشوهة .. وشخصية ممجوجة
لا أدري لماذا التصقت بي عادة قرض الخبز من الأطراف مثل الفئران .. أمسك الرغيف وأبدأ بقرضه من الاطراف بسرعة وعشوائية
حتى إذا أمتلأ فمي بالخبز بثثته بقرف
كثيرا ما قرصتني أمي بسبب هذه العادة ... قرصات لا زلت أستشعر ألمها .. لكني لم أمتنع يوما عن مواصلة عادتي السئية التي لا زلت أجهل سببها
عندما بدأت شعيرات الرجولة تبزق في انحاء جسدي كنت شديد الأضطراب والتعقيد
أبحث عن أشياء غريبة .. وااتي بأفعال غرائبية كأن أمسك دجاجة أمي التي تحبها كثيراً وأحزها بسكين حادة حتى تلفض أنفاسها وأبلغ أنا نشوتي
أتذكر انها حزنت حزنا شديداً لعملتي تلك وعاقبتني بأن لم تعد تأبه لي بعدها .. كانت ترعاني بصمت.. ألمني كثيرا حالها وازدادت تشوهاتي التي لم أجد لها حلاً
حتى عندما عادت أمي إلى طبيعتها السابقة وطوى دجاجتها النسيان بأعوام طويلة ظلت تلك الحادثة تنخر بروحي وتحيلها إلى كيانات ممزقة وغير متكاملة
دائماً أشعر بأني ناقص فقط لأنهم لم يصحبوني معهم عندما كانو يذهبون
حين سرت بدمائي حمم الرجولة على نحو مشحون بالرغبة والهياج أصبت بالجنون
أستنزفت نفسي بشبق قاتل حتى نحل جسمي وأرتسمت هالات من السواد أسفل عيني ، حملتني أمي إلى الطبيب الذي همس بأذني بخبث واضح ولغة عامية رخيصة " خف على نفسك شوية "؟؟!!
الرياضة كانت وجهتي الاكثر نصاعة وبياض في مشوار التشوة والجنون
مارستها بعنف ورغبة، ساعدتني كثيراً على التخلص من قمائم النفس المتناسلة باستمرار
لكنها تركتني بوحشية فجة عندما تهتكت عضلات اقدامي والزمتني الهدوء التام، الهدوء الذي أشعل الداخل من جديد وأحالني إلى ساحة حروب طاحنة لا تنتهي
عينيها هما من روض وحشية نفسي المنكسرة
عرفتها بغفلة من الزمن ولم يكن لي تجارب سابقة .. أسمها زينة .. زينة الزينة
كانت تعزف على أوتار نفسي الخربة بمهارة فائقة
كائن خلق ليمنح الحياة
تحتويني بلهفة وشبق .. وتعنفني إذا أخطأت بأمر فأرضخ طاعاً باستكانة غريبة
قررنا أن نكون سوياً مدى العمر .. وعملنا على ذلك
كنت أمنحها شعاع روحي المخبوء في أعماقي دون تقصير.. أبذل الغالي والنفيس في سبيل لحظة صفاء تجمعنا معاً
كانت عندما نختلي ببعض تضمني إلى صدرها بقوة ... بقوة .. بقوة حتى تفيض أنهاري
أبكي وهي تضمني بقوة .. كنت أتمنى أن تنتهي الحياة في تلك اللحظة
غسلت دموعي بعض ماعلق بنفسي لكنها لم تنهي مرضي الأبدي الذي بدأ بالتراجع منذ أن أشرقت عينيها في سماء حياتي
ولأن الحياة ليست سوى سكة قطار يمر بها العمر مسرعاً ويمضي
سقطت زينة في بئر عمري النتنة ، رحلت كما ترحل الطيور المهاجرة وتخلف ورائها الخرائب موحشة ومهدمة
رحلت دون مقدمات وتركتني مثلما كانو يفعلون هم
تركتني في منتصف الطريق، فوقي سواد وتحتي سواد
كل ماتركته لي ذكرى جميلة ومقلة عاجزة عن التصدي لماء الروح المندفع أبداً
بقيت بعدها بلا أم .. فأمي أيضا تركتني وذهبت إلى الضفة الأخرى
تركتاني هكذا مثل بناء متهالك ينتظر الزوال
هذا الصباح حبست دموعي حين رأيتهم يذهبون دون أن يصحبوني معهم
وقبل أن تضعف مقلتي كعادتها سألت نفسي
لماذا منذ بداية العمر وهم لا يصحبوني معهم ؟؟